وفي إطار هذه الدعوة التي انطلقت سنة 2008، تقود الأمم المتحدة حملة “16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات”، في الفترة من 25 نونبر إلى 10 دجنبر 2023، وهي مبادرة وضعت هذه السنة تحت شعار “اتحدوا! استثمروا لمنع العنف ضد النساء والفتيات”.
وعلى الصعيد العالمي، تقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 736 مليون امرأة، أو واحدة من كل ثلاث نساء، تعرضن للعنف الجسدي و/أو الجنسي من شريكهن، أو العنف الجنسي من شخص آخر، أو للاثنين معا، مرة واحدة على الأقل في حياتهن.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أعرب في تصريحات له أمام مجلس الأمن، في أكتوبر الماضي، عن استيائه إزاء وضعية المرأة في جميع أنحاء العالم، داعيا الجميع إلى “تعزيز الاستثمارات في الوقاية ودعم المنظمات التي تدافع عن حقوق المرأة”، و”دعم الناشطين وتسليط الضوء على الدور الرئيسي للمرأة في جميع مراحل اتخاذ القرار”.
أما على الصعيد الوطني، فقد انخرطت المملكة بكل جدية في مناهضة العنف ضد النساء، وذلك منذ تسعينات القرن الماضي، وهي الفترة التي عمل فيها المغرب بكل مكوناته، لا سيما الحكومة، وفعاليات المجتمع المدني من أجل مكافحة هذه الآفة بكل أشكالها وتجلياتها.
وفي هذا الاتجاه، شكل القانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 12 شتنبر 2018، محطة هامة في مسار النهوض بأوضاع المرأة المغربية على جميع المستويات، وآلية فعالة لإشراك المؤسسات الحكومية وفعاليات المجتمع المدني من أجل التعبئة الشاملة للاعتراف بدور المرأة ومكانتها في المجتمع.
وتم إحداث المرصد الوطني للعنف ضد النساء سنة 2014، باعتباره آلية وطنية تشمل شركاء مؤسساتيين وجمعويين وباحثين وخبراء. ويهدف المرصد إلى رصد مختلف أشكال العنف التي يمكن أن تتعرض لها المرأة.
وفي إطار برنامج “جسر”، أحدثت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة حاضنة اجتماعية بمراكز التكفل بالنساء ضحايا العنف، من أجل مواكبة النساء في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
وقد أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس الورش الإصلاحي المتعلق بقضايا النساء في خطاب العرش لسنة 2022. كما وجه جلالته، مؤخرا، رسالة سامية إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، وذلك تجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالته لقضايا المرأة والأسرة بشكل عام.
وعلى صعيد متصل، سيشرع مجلس النواب خلال الدورة التشريعية الحالية، في عمليات مختلفة لتقييم القوانين والسياسات العمومية ذات الصلة، بما في ذلك تلك المتعلقة بتقييم القوانين وخاصة القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
وفي هذا الصدد، قالت المحامية والرئيسة السابقة لشبكة “إنجاد لمناهضة العنف”، فتيحة شتاتو، في تصريح للصحافة، إن “القانون هو الإطار وخريطة الطريق لكل بلد، ولكن القانون وحده لا يكفي لمكافحة فعالة لهذه الآفة”، مضيفة “إننا نطالب بمقاربة شمولية تشمل الجانب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لبلادنا، على أساس الجنس”.
وذكرت الحقوقية بأن المغرب صادق على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، بما فيها رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مسجلة أن “تكلفة العنف ضد المرأة تشكل عائقا أمام تنمية البلاد”.
وخلصت شتاتو إلى أنه “بدون حماية وتعزيز ظروف النساء والفتيات، سنظل غير قادرين على الوفاء بالتزامات التنمية في جميع المجالات”.