طرق التعامل مع الطفل العصبي والعنيد
By
بلقيس on نوفمبر 5, 2022
يختلف الأطفال في شخصياتهم وأطباعهم، ولكل طفل أسلوبه الخاص في التعبير عن أمرٍ ما، أو في ردود أفعاله على تصرفٍ ما، لذا يتوجب على الأهل منح الطفل الاهتمام الكافي للتعرّف على شخصية طفلهم والتعامل معه بالطريقة التي تتناسب مع طبعه. تتطلّب التربية السليمة والصحيحة مجهوداً كبيراً من الأهل، فيمكن لتصرفٍ خاطئ منهم ولو كان بسيطاً أن يوثر على نفسية الطفل، ومن الممكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة قد تتفاقم وتصاحبه مدى الحياة. سنتناول اليوم موضوع التعامل مع الطفل العصبي والعنيد وسنجيب على جميع الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع.
الطفل العصبي والعنيد من وجهة نظر المختصّين
لا يعتبر العناد سلوكاً مكتسباً لدى الطفل، بل هي مرحلة يجب على الطفل المرور بها، إذ تتوفر طرق تربية حديثة للطفل العنيد و الطفل العصبي توضح كيفية التعامل مع كل منهما.
بدايةً.. يجب على الوالدين معرفة أن الطفل العنيد والعصبي غالباً ما يتصف بصفتين إيجابيتين، وهما الذكاء والنشاط، إذاً مشاكسة الطفل، كما يطلق عليها الأهالي، يصنفها الخبراء بأنها نشاط إيجابي ولها دور كبير في تنمية مهارات الطفل. هذا ويعتبر المختصّين النفسيين أن العناد ينم عن ذكاء الطفل، وتبدأ مرحلة العناد في سنة الطفل الثانية، ولهذه الصفة العديد من الوظائف الإيجابية التي من شأنها جعل الأهل مطمئنين حيال شخصية طفلهم، فهي تنم عن استقلالية الطفل، وأول خطوة لاعتماده على نفسه، ويظهر هذا في إصراره على عمل الأشياء دون تدخل الأم.
هذا ويمكن اعتبار صفة العناد لدى الأطفال ميزة لا تستدعي للقلق الشديد، وهي في الحقيقة مرحلة يجب أن يمر بها الطفل وتبدأ من عمر السنتين، ولكن لا يمكن صرف النظر عن أهمية التعامل الصحيح مع الطفل العنيد حتى لا تستمر معه هذه العادة لعمر المراهقة، إذ سيصعب على الآباء التعامل مع ابنهم حينها.
التعامل مع الطفل العصبي أو الطفل العنيد
كما ذكرنا سابقاً، العناد لا يعتبر سلوكاً لدى الطفل، بل هي مرحلة تبدأ من عمر السنتين وكل طفل لا بدّ أن يمر بها، فهي بدايةً تعرّفهم على مفهوم “أنا”، والرغبة في التصرف بالطريقة التي يرغبها دون تدخل الآخرين، ورفض الأوامر التي لا تعجبه، وهو ما يعتبره الأهل عناداً، هنا تكون النقطة الفاصلة، إما أن يتعامل الأهل مع عناد الطفل بطريقة تجعل من هذه الصفة عاملاً يدعم تنمية شخصية الطفل القوية والمستقلة، أو أن يتعامل الأهل بطريقة تدمّر شخصية الطفل وتجعل منه صاحب شخصية ضعيفة مهزوزة تفضّل الانسياق للأوامر، ويستعصي عليه القدرة على اتخاذ القرارات، أي انسان تقوده الأحداث ولا يصنعها، بل وقد يكون فريسة التنمر بين الاطفال.
لماذا يستمر العناد لدى الأطفال؟
إليكم قائمة تضم الأسباب التي قد تفاقم مشكلة العناد لدى الأطفال:
مقابلة العناد بالعناد
العامل الرئيسي لاستمرار عناد الأطفال هو المعاملة بالمثل، أي مقابلة عناد الطفل بعنادٍ من قبل الأهل، وعدم تقبل الأهل لفكرة التنازل والوصول لمستوى الطفل في الحوار، أو التفاوض للوصول إلى حل. نعم يحتاج الطفل كل هذا لاهتمام والوقت والمجهود لينشأ بطريقة صحيحة، ولتتكون لديه شخصية سليمة خالية من الاضطرابات النفسية.
المشاكل الأسرية
تعتبر المشاكل الأسرية العامل الأكبر الذي يسبّب الاضطرابات النفسية لدى الطفل، وفي مرحلة العناد، تزيد هذه المشاكل من رغبة الطفل في كسب الاهتمام من خلال رفض الانصياع لما يُطلب منه، أو قد يصل الأمر الى إعطاء ردود أفعال مبالغة، مثل الصراخ والبكاء.
الدلال الزائد
يعمل الدلال المفرط على إفساد سلوكيات الطفل، وله دور كبير في عناد الطفل، فهو مدرك بأنه في النهاية سيحصل على مبتغاه.
مقارنة الطفل بالآخرين
يجب على الأهل إدراك مدى الاضطرابات النفسية التي تصيب الطفل عند مقارنته بالآخرين، إذ لا يعمل هذا السلوك بأي شكل من الأشكال على تحفيزه، بل دائماً ما يتسبّب بتدمير ثقته بنفسه. أما عندما يتعلق الأمر بالعناد والعصبية، فبمجرد أن تقارنه بأحد إخوته أو أصدقائه، فلن يعطي الطفل إلا ردود أفعال عكسية، مثل العناد والإقدام على عمل عكس ما يُطلب منه، أو أن يبدي سلوكيات عصبية وعدائية.
التركيز على عناد الطفل
تركيز الوالدين على موضوع عناد الطفل وطرحه في المجالس أمام الأهل والأقارب بوجود الطفل وكثرة تكراره سيجعل الفكرة راسخة في ذهن الطفل، بل وستصاحبه حتى عمر أكبر.
التربية المتناقضة
يتصف الطفل العنيد والعصبي بالذكاء، لذا في حال لم يتفق الأهل على طريقة تربية معينة أو صلاحية اتخاذ القرارات، فسيستغل الطفل بذكائه هذا الأمر. مثلاً، عند سؤال الطفل لوالديه عن إمكانية الحصول على أمرٍ ما، وكان كل من الوالدين يلقي بمسؤولية اتخاذ القرار على الآخر، سيستغل الطفل هذا الأمر ويظل مصراً على طلبه حتى يحصل عليه.
معالجة صفتي العناد والعصبية لدى الطفل
إذاً، ما هي طريقة التعامل مع الطفل العصبي والعنيد ؟ كيف اتصرف مع ابني العنيد؟ و ماهو علاج الطفل العنيد؟
يكمن السر في تربية الطفل العنيد والعصبي في اتباع الأساليب الذكية عند التعامل معه، والأهم السماح له في اتخاذ القرار، أو المشاركة في صناعتها على الأقل. أساس نجاح هذا الأسلوب هو النزول لمستوى الطفل العقلي، وعدم التعالي عليه عند الحديث معه، ومراعاة أن تكون نبرة الصوت هادئة، بالإضافة الى استخدام مفردات محببة لديه.
على الأهل فرض الأوامر على الطفل بأسلوب ذكي وملتف، وتخييره بين أمرين ليُجبر على اختيار أحدهما، بحيث يبدو للطفل وكأنه المتحكّم باتخاذ القرار، وهو ما يسعى إليه دائماً. على سبيل المثال، عند مشاهدة الطفل للتلفاز، لا تأمره بأن يغلق التلفاز ويتوجه لدروسه، بل قل له: “هل ستغلق التلفاز الآن لتدرس، أم أنك ستنتظر لمدة 5 دقائق؟” كما أن هذا الأسلوب سيدرّب طفلك على الانصياع لأوامرك بطواعية، فهو أيضاً يهيئ الطفل ليصبح شخصاً قادراً على اتخاذ القرارات وصنعها.
تحويل الأوامر إلى تحديات مرحة
لنأخذ ترتيب الغرفة مثالاً، فبدلاً من أمر الطفل بترتيب الغرفة وتهديده بالعقاب، يمكن تحويل هذا الواجب إلى نشاط مرح من خلال تحدي الطفل على القيام بالترتيب خلال 5 دقائق، والسر في تشجيع الطفل في كل مرة لتكرار هذا النشاط هو رد فعل الأهل عند الانتهاء، إذ يجب إشعار الطفل بأهمية ما قام به.
المديح
لهذه الميزة أثر كبير على نفسية الطفل، ولها تبعات إيجابية على تقوية شخصيته وثقته بنفسه، فبدلاً من اتباع أسلوب الأمر للمساعدة، يمكن اللجوء لطريقة أسهل وأنجح تجعله يهب للمساعدة فوراً، فمثلاً إذا أردت منه ترتيب غرفة الجلوس، وجّه له الكلام بالأسلوب التالي: “لا أحد يجيد ترتيب المكان مثلك” أو “أنت جيد جيداً في هذا لأمر” أو “أنت تقوم بهذا العمل أفضل مني، علّمني ذلك”.
الامتناع عن الذم والتهديد
إياكم واتباع أسلوب التهديد مع الأطفال، ولا تلجؤوا للعقاب فوراً، فجميع الدراسات تثبت فعالية اتباع التربية الحديثة على تقويم تصرفات الطفل، والتي تخلو من العقاب والتهديد، بل تحثّ على الحوار مع الطفل ومصادقته.
هذا ويعتبر ذمّ الطفل أمام أصدقائه أو الأقارب من أكثر الأساليب التي تعمل على تدمير نفسية الطفل، وسيترتب عليها ردود أفعال عكسية وأولها العناد. يُفضّل أيضاً عدم رفض طلبات الطفل أمام الآخرين، بل عليك أخذ الطفل بعيداً عن الأنظار والحديث معه بكل هدوء.