في عالم مصممي الأزياء .. الابتعاد عن الأضواء هو الموضة

ولّى عصر مصممي الأزياء النجوم على غرار جون غاليانو وكارل لاغرفيلد، وإذا كانت دور الأزياء الفاخرة العملاقة لا تزال تضمّ إلى صفوفها شخصيات مميزة سعياً إلى إعادة التموضع في السوق، بات الابتعاد عن الأضواء والعمل بصمت هو الموضة.

فالاستوديوهات هي التي باتت تصمم مجموعات “لوي فويتون” للرجال، بعد عام على وفاة المصمم الأميركي الأسود فيرجيل أبلوه الذي بث رياح أزياء الشارع والراب وثقافة دوري كرة السلة الاميركي في الدار الفرنسية العريقة التابعة لمجموعة “إل في إم إتش”.

وسيبقى الأمر على النحو نفسه حتى إشعار آخر لدى “غوتشي” التابعة لمجموعة “كيرينغ” المنافسة، بعد ترك أليساندروميكيليه منصبه في نهاية نونبر.

ففي سبع سنوات، ارتقى المصمم بالدار الإيطالية إلى قمة القطاع، لكنه تنحى بسبب ما وصفه بـ”وجهتي نظر مختلفتين”، بعدما أخفق في إنعاش مبيعات الدار التي انخفضت بالمقارنة مع “فويتون” و”إرميس”.

وإذا كان سبب غياب مصمم “فويتون” مختلفاً عن سبب رحيل نظيره في “غوتشي”، فإن ما تلاهما كشف عن ظاهرة تتمثل في أن قطاع الأزياء يشهد راهناً “العصر الذهبي للابتعاد عن الأضواء”، على ما لاحظ أرنو كادار، وهو مدير محفظة لدى شركة إدارة الأصول “فلورموا فيري”، في حديث إلى وكالة فرانس برس.

ورأى مؤلف كتاب “الفخامة والمجال الرقمي” (Luxe et digital) إريك بريون أن المصمم فقد الهالة التي كانت تحوط به، معتبراً أن المثال الأكثر تعبيراً عن ذلك هو دار “فويتون” التي “تعمل بشكل جيد جداً” من دون مدير فني.

ورأت جولي الغوزي من شركة “كالتز” الاستشارية إن “هوية الماركة لم تعد تتمثل في المصمم، بل أصبح المصممون مترجمين لهوية العلامة التجارية”.

وشدد أرنو كادار على أن “دور الأزياء التي حققت أفضل النتائج في الأعوام الأخيرة، هي تلك التي يكون فيها المدير الفني بعيداً من الأضواء”، على غرار “إرميس” و”شانيل” و”ديور” و”فويتون”.

وأضاف “حاولوا أن تتذكروا أسماء مصممي +إرميس+ (ناديج فاني سيبولسكي للتشكيلات النسائية وفيرونيك نيشانيان للرجالية). ما هي نسبة زبائن +إرميس+ الذين يعرفون أسميهما؟ ليسا من النوع الذي يظهر باستمرار” في وسائل الإعلام.

وفي “شانيل”، “يستحيل” إيجاد بديل من كارل لاغرفلد الذي توفي عام 2019، يتمتع بنجوميته العالمية نفسها.

وأشار إريك بريون إلى “المصمم الذي كان يده اليمنى يتولى تأمين استمرارية العمل، لكنه ليس في الواجهة”.

وفي المقابل، فإن المدير الفني لدار “بالنسياغا” (مجموعة “كيرينغ”) الجورجي ديمنا الذي صنفته مجلة “تايم” من بين الشخصيات المئة الأكثر تأثيراً في العالم، بات في مرمى النيران بعد حملة إعلانية للمجموعة تضمنت صوراً لأطفال بجانب اكسسوارات لها أبعاد جنسية.

ولم تكن ردود الفعل متفقة في شأن عرض الأزياء قبل الأخير لإحدى تشكيلات ديمنا في مارس، إذ أراده المصمم تحية لأوكرانيا، فجعله متمحوراً على “لاجئين”. وفيما استحسن البعض الرسالة العاطفية، شعر آخرون بالإهانة من طريقة عرض “أكياس قمامة” ثم بيعهاالواحد منها بأكثر من 1500 يورو.

ولاحظ ارنو كادار أن هذا الأمر “يثير ضجة سلبية”. واضاف “من الصعب أن نتخيل أن هذا لا يكسر زخم العلامة التجارية التي كانت منطلقة بقوة كبيرة”.

وشكلت قضية جون غاليانو الذي استغنت عنه “ديور” عام 2011 بعد مقطع فيديو أطلق فيه إهانات معادية للسامية تحت تأثير المخدرات، بداية النهاية للمصممين النجوم.

وقال الأستاذ في معهد الموضة الفرنسي بنجامان سيمينوير، إن دور الأزياء باتت تبحث عن “مديرين فنيين توافقيين” لا يثيرون الانقسام .

وأضاف “هذا يحمل مخاطرة أخرى وهي أن الناس يشعرون بالملل. من المفترض أن تكون الموضة ممتعة وأن تثير الأسئلة”. والمعادلة حساسة، كما تظهر حالة أليساندرو ميكيليه.

ومع ذلك، فإن الحماسة لعروضه الباروكية وذات الطابع غير المألوف أو لتصاميمه لم تقنع الأوساط المالية التي أبدت ارتياحها إلى رحيله.

وقال أرنو كادار إن “الأسواق ترغب في أن تبيع +غوتشي+ حقائب يد سوداء للعالم كله لا تلك الزهريةالمغطاة بالزخرفات بحيث لا تجرؤ المرأة العادية على ارتدائها في المدينة”.

أما بنجامان سيمينوير، فرأى أن الاكتفاء بالتصاميم غير المرتبطة بموضة زمن معين يضرّ بـ”غوتشي”، إذ أن الدار قائمة على مخالفة ما هو تقليدي.

وقال “ثمة حاجة إلى شكل من أشكال الإغواء الباروكي ، إلى القليل من الجنون”.

Comments (0)
Add Comment